
إننا جميعاً نحتاج لشخص يحبنا ونحبه ،
يفتقدك عندما ترحل ويبقي على مشاعرك دافئة خلال الليل البارد ،
كلنا نحتاج إلى شخص نحبه ،
إنك في حياتك تجري وتختبئ وتتألم في داخلك من تلك الذكريات
التي لا تستطيع الهروب منها ومن الألم الساكن في قلبك ،
وتتقلب وتتمزق وترى كل أحلامك تحترق كحلم من أحلام الطفولة
ولا تستطيع التماسك بينما ينهار عالمك من حولك ،
والإنسان بفطرته كائن اجتماعي وطوال عمره في رحلة بحث دائمة ودءوبة عن السلام الداخلي ،
والعثور على إنسان حنون يشعره بالأمان متى ما انكشفت ستائر أسراره عن فمه ،
يحتاج دائماً إلى من يهدهد الطفل في أعماقه ،
ويقتسم معه رغيف الحزن وماء الحلم ،
نحن جميعاُ نحتاج إلى شخص واحد يهتم على الأقل بنا ،
شخص نراه ونسمعه بصدق ، نلتصق به كالتصاق الورقة بالغصن ، ونلتقي به كالتـقاء الوردة بحبات المطر ،
شخص واحد على الأقل بشرط أن يرعى بإخلاص وحب وعمق ،
أحياناًً قد تكفي إصبع واحدة لتحول دون انهيار السد الكبير ،
وقد تأتي شمعة واحدة لتـنـير كل الظلام المخيف ،
وقد تؤدي لمسة واحد حانية إلى تجفيف منابع الحزن ،
وقد تغير ابتسامة حب صادقة الواقع المؤلم إلى أمل مشرق ؛
فتقرأ لـ " تشكيوف " في مسرحية النورس: " إني وحيد في هذا العالم .. وحيد ليس هناك عاطفة ترشقني بدفئها .. أشعر بصقيع الغربة .. ببرد الوحشة .. كما لو كنت أحيا في قبو معتم " .
وهذه العبارة يشعر بها المرء تماماً حينما تخلو حياته من حبيب أو صديق يبدد عنه سحابة الحزن التي تغشاه ،
وبشاعة الحياة التي يعيشها ،
فالحياة بدون شخص نحبه باهته تصفر فيها الريح ،
لا طعم لها ولا لون ،
" كم هو مخيف ظل العصفور وهو وحده بلا أليف .. حينما يرحل قبل أن تغيب الشمس أو تجيء الريح " ،
فالوحدة شديدة المرارة ،
والغربة موجعة ،
ليس في طاقة المرء أن يتحملها ،
وكيف للمرء أن يتحمل آلام الوحدة ومعاناة الغربة وهو يدرك جيداً أن الحب بإمكانه أن يبلل جفاف حياته ،
وأن يمنح لحظاته ضحكة الحلم ورقصة الربيع ،
ويتسرب إلى فصول الروح من شقوق الجروح ،
فالإنسان عندما يجد شخصاً يحبه صدقاً ويقيناً ،
فإن هذا الحب يحميه من الخوف ومن الشعور بالوحدة ومن الحزن.

